حين تصمت بعض الضمائر: هجوم السمارة وفضيحة اللامبالاة…

sadaalbarlamanمنذ 39 دقيقةآخر تحديث :
حين تصمت بعض الضمائر: هجوم السمارة وفضيحة اللامبالاة…

الأستاذ زكرياء الغلماني*-الرباط:”صدى البرلمان”//- في ليلة حزينة من ليالي الوطن، اهتزت مدينة السمارة مؤخرا على وقع قصف إرهابي جبان نفذته ميليشيات “البوليساريو”، مستهدفة المدنيين العزل، في اعتداء سافر لم يُسفر لحسن الحظ عن ضحايا في الأرواح أو خسائر مادية، لكنه كشف عن وجه آخر لا يقل رعبًا عن القصف ذاته: وجه الصمت.

ما حدث ليس مجرد قصف؛ بل جريمة مكتملة الأركان، نفذتها عصابة مسلحة مدعومة علنًا من النظام الجزائري، في خرق صارخ لكل المواثيق الدولية، ومخالفة واضحة لمبادئ القانون الدولي الإنساني الذي يجرم استهداف المدنيين. ومع ذلك، لم نسمع همسًا من دعاة السلام المغاربة، ولا نبرة استنكار من النشطاء الذين لطالما صدّعوا رؤوسنا بالقيم الكونية حين يتعلق الأمر بصراعات الشرق الأوسط أو النزاعات العابرة للحدود.

تأملوا هذا التناقض المخزي: بالأمس القريب، اهتزت مواقع التواصل الاجتماعي إثر تبادل القصف بين إسرائيل وإيران، وارتفعت الأصوات تُدين وتُحلل وتبكي على أطلال الإنسانية؛ لكن حين تعلق الأمر باعتداء همجي على جزء من التراب المغربي، التزم الجميع صمتًا مريبًا، كأن القضية لا تعنيهم، وكأن الدم المغربي رخيص أو لا يستحق حتى منشور تضامن!

إنه الانسلاخ من الذات، حين يغدو الانخراط في قضايا الغير واجبًا مقدسًا، بينما تُترك قضايانا المصيرية تتآكل بالصمت والنسيان؛ ذلك الصمت، في رأيي، لا يمكن تبريره بأي ذريعة؛ بل أعتبره خيانة صريحة للوطن، وتخليًا مشينًا عن أولى الأولويات: وحدة التراب الوطني وسلامة أبنائه.

لقد سبق لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أن قالها بوضوح لا لبس فيه: “إن قضية الصحراء المغربية هي النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهي المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات.”

 وأضيف، من موقعي كمواطن مغربي قبل أن أكون محاميًا، أنها النظارة التي يجب أن ننظر بها نحن أيضًا إلى أنفسنا، وإلى بعض “الناشطين” الذين يعيشون بيننا ويزعمون حب الوطن، بينما يهربون من مواجهات الحقيقة، ويصمون آذانهم عن صرخات الوطن الجريح.

الهجوم الإرهابي على السمارة بأقليمنا الجنوبية المغربية يعيد التأكيد، مرة أخرى، على الطابع الإرهابي الخطير لجبهة البوليساريو، ويُبرز ضرورة مراجعة شاملة للتعاطي مع المنطقة العازلة التي تحولت إلى قاعدة خلفية لهذه الميليشيات المرتزقة. ومن اللافت أن الولايات المتحدة بدأت فعليًا في صياغة مشروع قانون لتصنيف “البوليساريو” كتنظيم إرهابي.

فهل ننتظر أن يُذكرنا الخارج بأولوياتنا؟

وهل نُبقي رؤوسنا في الرمل بينما يستهدف الإرهاب أبناءنا داخل وطنهم؟.

إن المغرب، كما حسم أمره سابقًا في تأمين ممر الكركرات، قادر على حسم معركته مع الإرهاب في السمارة وما بعدها؛ لكن هذه المعركة، ليست عسكرية فقط، بل أيضًا أخلاقية، مدنية، ومجتمعية. والمطلوب اليوم، قبل الغد، أن يتحرك المجتمع المدني المغربي، بكل أطيافه، لرفض هذه الجرائم الإرهابية، وتعرية كل من يتواطأ بالصمت أو التسويغ.

الصحراء في مغربها، والمغرب في صحرائه، ولا عزاء للمتخاذلين.

*الأستاذ زكرياء الغلماني:محامٍ بهيئة المحامين بالرباط.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة