لقاء تفاعلي بمجلس النواب بتعاون مع مؤسسة وستمنستر للديمقراطية حول ”المراقبة البعدية لتنفيذ القوانين”

sadaalbarlaman19 مارس 2025آخر تحديث :
لقاء تفاعلي بمجلس النواب بتعاون مع مؤسسة وستمنستر للديمقراطية حول ”المراقبة البعدية لتنفيذ القوانين”

الرباط(ومع):”صدى البرلمان”//- نظم مجلس النواب يومي 26 و27 فبراير 2025 بالرباط، لقاءا تفاعليا حول ”المراقبة البعدية لتنفيذ القوانين: نموذج القوانين المتعلقة بالمناخ والبيئة” بتعاون مع مؤسسة وستمنستر للديمقراطية، بمشاركة أطر إدارية من مجلس النواب إلى جانب خبراء وطنيين ودوليين.

وقد أكد الكاتب العام لمجلس النواب نجيب الخدي، خلال الجلسة الافتتاحية، أن هذا اللقاء التفاعلي يندرج ضمن الورشات التكوينية التي يحرص المجلس على تنظيمها بشراكة مع مؤسسة وستمنستر للديمقراطية، تجسيدا للتعاون المتواصل بين المؤسستين، معربا عن اعتزازه بهذه الشراكة التي همت مختلف مجالات العمل البرلماني، وأسهمت في مواكبة المستجدات والانشغالات الجديدة في هذا المجال.

وأبرز  نجيب الخدي التحول الذي شهدته وظائف البرلمان المغربي على مدى السنوات الماضية، موضحا أن دور البرلمان لم يعد مقتصرا على التشريع ومراقبة العمل الحكومي عبر الوسائل التقليدية، بل توسع ليشمل أدوات وأساليب ومناهج جديدة لتعزيز المراقبة من خلال تقييم السياسات العمومية وتتبع تنفيذ القوانين. وأعتبر أن المراقبة البعدية للقوانين أداة استراتيجية لضمان فعالية التشريعات، مستعرضا ما راكمه مجلس النواب في مجال المراقبة البعدية للقوانين، من خلال إعداد دليل لتقييم السياسات العمومية، ومراجعة النظام الداخلي للمجلس، وتقييم شروط وظروف تطبيق القانون رقم 103.13 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء، فضلا عن مبادرات أخرى تعكس الأهمية التي يوليها مجلس النواب لتتبع تنفيذ القوانين وتعزيز فعاليتها.

من جانبها، أكدت مديرة مكتب مؤسسة وستمنستر للديمقراطية بالرباط فتيحة آيت والعيد أن هذا اللقاء يأتي في إطار الشراكة الاستراتيجية المثمرة التي تجمع بين مؤسسة وستمنستر للديمقراطية ومجلس النواب المغربي التي انطلقت منذ عام 2011 بهدف تطوير أدواته التشريعية والرقابية.

وقالت فتيحة آيت والعيد أن المراقبة البعدية لتنفيذ القوانين تشكل ركيزة أساسية لضمان فعالية التشريعات وتحقيق الأهداف المرجوة منها، خاصة فيما يتعلق بالقوانين البيئية والمناخية، التي تتطلب متابعة دقيقة لضمان تطبيقها بشكل ناجع، مشيرة الى أنه تم مؤخرا تطوير دراسات مقارنة وأدوات عملية لدعم البرلمانات والمؤسسات التشريعية في تتبع تنفيذ القوانين والتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة.

وأكدت فتيحة آيت والعيد أن القوانين المرتبطة بالمناخ ليست مجرد نصوص قانونية، بل هي أدوات حيوية لتحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة للأجيال القادمة، وأن التحديات المناخية أصبحت من أولويات العمل البرلماني، خاصة بالنظر إلى التزامات المغرب الوطنية والدولية في هذا المجال.

بعد هذه الجلسة الافتتاحية، تناول الكلمة عدد من الخبراء، حيث أكد الخبير الاستشاري في التطوير البرلماني السيد ماركو فوجاك أن تنفيذ القوانين تكتسي أهمية كبيرة في عمل البرلمانات وفي المهمة المنوطة بالنائب البرلماني في ممارسة دوره الرقابي، مشيرا الى أن العديد من برلمانات العالم بدأت تعتمد على منهجية المراقبة البعدية في تطبيق السياسات العمومية والتي تجرى عبر ثلاث مراحل: مرحلة التخطيط، مرحلة التنفيذ، ومرحلة التتبع. 

وأوضح ماركو فوجاك أن المراقبة البعدية لا تفضي بالضرورة الى تغيير القانون بشكل اوتوماتيكي، بل الى تجويد وضع التشريعات، ومدى قابلية هذه القوانين للتطبيق على أرض الواقع، مضيفا أن العديد من القوانين توضع على المحك في بعض البلدان بفعل تأثرها ببعض العوامل الخارجية.

وقد استعرض الخبير الاستشاري، بالمناسبة، أفضل ممارسات المراقبة البعيدة لتنفيذ القوانين في كل من المملكة المتحدة، والأردن، وجورجيا من خلال بعض القوانين التي خضعت لآلية المراقبة البعدية من قبل اللجن المختصة، كقانون مكافحة الرشوة لعام 2010 (المملكة المتحدة)، وقانون اللامركزية لعام 2015 (الأردن)، والقانون المتعلق بتقييم الأثر البيئي لعام 2017 (جورجيا).

من جانبه، أكد الأستاذ الباحث بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس عزيز سعيدي أن المراقبة البعدية لتنفيذ القوانين تمثل أداة مهمة لتقييم السياسات العمومية، حيث سلط الضوء في هذا الصدد على الإطار الدستوري والقانوني للتقييم البعدي للقوانين بالمغرب، مشيرا الى أن دستور 2011 قد عزز صلاحيات البرلمان فيما يرتبط بتقييم السياسات العمومية وتتبع ومراقبة شروط وظروف تنفيذ القوانين.

وأشار عزيز سعيدي الى أهمية التقييم البعدي للقوانين في ضمان جودة القوانين، وتحقيق الأمن القانوني، وتحديد ثغرات التشريعات، وتحسين جودتها وفعاليتها، والاستخدام الأمثل للموارد العامة، ثم ضمان المساءلة وتعزيز الشفافية، وكذلك تعزيز دولة الحق والقانون، وتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات.

وأوضح عزيز سعيدي أن التقييم البعدي للقوانين يرتكز على معايير الفعالية والنجاعة والملاءمة والتناسق الداخلي والخارجي، مضيفا أنه بات أداة محورية في تكريس الحكامة وتوجيه السياسات العمومية وتعزيز تنفيذها وفعاليتها، وتقييم وقياس أثر القوانين، ناهيك عن رصد أهم الانحرافات والتجاوزات التي تعتري تنزيل مقتضيات القانون على أرض الواقع.

إثر ذلك، تم تقديم دليل مؤسسة وستمنستر للديمقراطية حول المراقبة البعدية لتنفيذ القوانين الذي يهدف الى تمكين البرلمانيين والأطر البرلمانية من منهجية واضحة ومتكاملة لمتابعة أثر التشريعات بعد دخولها حيز التنفيذ، وتقييم مدى تحقيقها للأهداف المرجوة.

ويشير الدليل الى الخطوات العملية اللازمة لإنجاز تمرين المراقبة البعدية لتنفيذ القوانين والمتمثلة في تحديد أهداف المراقبة البعدية، واعداد خطط جمع البيانات، وتحديد الأطراف المعنية واعداد خطة التشاور، كما ينص هذا الدليل على مراجعة السلطات المكلفة بالتنفيذ، والاستشارات مع المواطنين ثم تحليل نتائج المراقبة وصياغة التوصيات واعداد والمصادقة على التقرير الخاص بالمراقبة البعدية للقوانين.

وخلال اليوم الثاني من هذا اللقاء التفاعلي، تابع الخبير الاستشاري في التطوير البرلماني ماركو فوجاك بسط باقي الخطوات العملية اللازمة لإنجاز تمرين المراقبة البعدية لتنفيذ القوانين، والتي تتجلى في مرحلة التتبع التي يتم فيها نشر تقرير المراقبة وجعله متاحًا للجمهور، ثم مرحلة رد الحكومة، ومرحلة أنشطة التتبع التي تقوم فيها اللجان البرلمانية بدراسة ردود الحكومة بعناية، ثم المرحلة الأخيرة المتمثلة في تقييم النتائج عملية المراقبة البعدية.

من جهته، قدم الأستاذ الباحث بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس عزيز السعيدي، عرضا حول خصائص التقييم البعدي للقوانين المتعلقة بالبيئة التي لخصها في المساعدة على تحسين القوانين البيئية، وجعلها أكثر فعالية في تحقيق أهدافها، وكذلك المساعدة على ضمان أن هذه القوانين تحقق العدل والإنصاف، بالإضافة إلى المساعدة في تعزيز الشفافية والمساءلة في صنع القرارات البيئية.

واستعرض عوامل نجاح التقييم البعدي للقوانين البيئية عبر الاعتراف السياسي بالطابع الملح لأزمة المناخ والأزمات البيئية، والدعم المؤسسي من البرلمانات نفسها، لتزويد السياسيين بالأدوات اللازمة لتوفير رقابة فعالة على قضايا المناخ والبيئة وتنسيق الأنشطة.

كما تطرق الى تحديات التقييم البعدي للقوانين البيئية من طرف البرلمان تتعلق أساسا بتحديات الوصول وجمع البيانات وتحليلها، وتعقيد عملية التقييم وصعوبة تقييم الأثر البيئي للقانون بدقة، بالإضافة إلى صعوبة إشراك جميع أصحاب المصلحة في عملية التقييم وتأثير ذلك على شموليته، وكذلك صعوبة التوصل الى توافق في الآثار حول نتائج التقييم والتوصيات.

من جهة أخرى، قدم الخبير محمد الديش عرضا تناول الإطار القانوني الحالي للتغير المناخي في المملكة والتحديات المرتبطة به، مشيرا الى أن التشريعات المغربية المتعلقة بالمناخ تتسم بتعدد النصوص وتشتتها، مما يبرز الحاجة إلى قانون إطار شامل يدمج مختلف الجوانب المرتبطة بالتغير المناخي في منظومة قانونية متناسقة وملائمة هذه القوانين مع الالتزامات الدولية للمملكة، لا سيما اتفاقية باريس.

وفي هذا السياق، أبرز الديش أن تحقيق تحول بيئي حقيقي يستدعي تعزيز الحكامة البيئية، وضمان التكامل بين القوانين القطاعية، وتوفير آليات تمويل فعالة للمشاريع المناخية، مؤكدا على أن إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في صياغة وتنفيذ السياسات المناخية يعد أمرًا ضروريًا لتعزيز الالتزام الجماعي بمسار التنمية المستدامة.

يذكر أن المشاركين في هذا اللقاء التفاعلي، شددوا على ضرورة تبني الآليات الرقابية والتقييمية، والحرص على نقلها للأجيال القادمة، والتأكيد على الدور المحوري للبرلمان في التقييم البعدي للقوانين لضمان فعاليتها ونجاعتها على أرض الواقع، من خلال تحسين الحياة اليومية للمواطن، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، والحفاظ على البيئة.

كما دعت التوصيات إلى تقوية التعاون بين البرلمان والسلطة التنفيذية لضمان متابعة فعالة لتنفيذ القوانين، وتكييف منهجية التقييم وفق السياق الوطني، والاستفادة من الممارسات الفضلى في هذا المجال، فضلا على أهمية الإرادة السياسية لنجاح آلية التقييم البعدي لتنفيذ القوانين، وعلى استثمار الذكاء الاصطناعي في تطوير آليات هذا التقييم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة