زكرياء الغلماني*-الرباط:”صدى البرلمان”//– في سياق الأحداث المتلاحقة التي تشهدها الساحة المهنية والقانونية بالمغرب، أجد نفسي مدفوعًا، كمحامٍ وفاعل مهني، إلى طرح تساؤل مقلق:هل أصبحنا فعلاً نعيش لحظة تخافت في صوت التضامن بين الزملاء داخل هيئة الدفاع؟
السبب المباشر لهذا التساؤل واقعة هدم واجهة فيلا بمدينة سلا، والتي أثارت ضجة واسعة في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. الفيلا المعنية، التي أصبحت معروفة لدى الرأي العام بسبب تصميمها الفني اللافت والذي يضم مجسمات لخيول وأسود ونسور، كانت قبل ذلك محطّ اهتمام وإعجاب من طرف زوار كثر، من الداخل والخارج، دون أن يصدر عن السلطات أي تحفظ يُذكر طوال مدة إنجازها. ومع ذلك، تم تنفيذ قرار بالهدم، قوبل باستغراب واسع، ليس فقط بسبب مضمونه، ولكن أيضًا بسبب الخلفية التي تم من خلالها ترويج الموضوع إعلاميًا.
فالتركيز لم يكن على مدى قانونية الهدم، ولا على مدى احترام الإجراءات والمساطر، بل انصبّ بشكل مثير للريبة على صفة صاحب الفيلا كمحامٍ، وكأن وجوده المهني مبرر كافٍ للتهجم والتشهير، وتحويل النقاش من مناقشة قرار إداري إلى محاكمة معنوية لمواطن بسبب مهنته.
ما يدعو فعلاً للتساؤل، بل للقلق، هو ردّ فعل الجسم المهني، أو بالأحرى غياب هذا الرد. هل باتت زمالة المهنة غير كافية لإثارة الانتباه والتفاعل؟ هل أصبح الخوف من التورط في الجدل، أو الاصطفاف المهني، أقوى من الواجب الأخلاقي بالتعبير عن التضامن؟

إن ما وقع لهذا الزميل، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع اختياراته الجمالية أو القانونية، يستحق منا الوقوف لا للمساندة الشخصية، بل للدفاع عن قيم المهنة وصورتها وهيبتها أمام التوظيف الشعبوي والتأويل المغرض.
التضامن المهني لا يعني الانتصار للخطأ، لكنه يعني أولاً وأخيرًا احترام المبدأ: مبدأ المساواة أمام القانون، مبدأ قرينة البراءة، ومبدأ عدم تسييس الصفات المهنية للنيل من الأفراد.
إن السكوت عن هذه الواقعة قد يُقرأ كرضا ضمني، وقد يفتح الباب لاستهداف آخرين باسم مهنتهم لا بسبب أفعالهم. وهذا ما لا يجب أن نقبله أو نعتاد عليه.
فالفيلا قد تكون هُدمت، لكن الأهم ألا يُهدم معها مبدأ التضامن المهني، وألا نصبح شهود صمت على استهداف قد يطال أي واحد منا في الغد، حين تسكت الأصوات ويغيب الموقف.
*ذ. زكرياء الغلماني: محامٍ بهيئة المحامين بالرباط.