عادل الزبيري*-الرباط:”صدى البرلمان”//- على امتداد قرابة 20 عاما من العمل الصحافي التلفزيوني الاحترافي، مع شبكة إخبارية عربية دولية، أجريت ما لا يمكنني تذكره عدديا، من الحوارات الصحافية، مع أهم الشخصيات السياسية والحزبية والحكومية في المغرب.
ما يشاهده المتلقي على الشاشات، تبقى النتيجة النهائية لمجهود صحافي كامل، مقابلة من نصف ساعة، أو من 20 دقيقة، ولكن هنالك مجهود كامل من الممكن أن يستمر أياما طويلة في الإعداد.
يبقى الأصعب في الحوار الصحافي إقناع طرفي المعادلة؛ أولا إقناع غرفة الأخبار بالضيف وأسباب الاقتراح، وثانيا، المرور إلى الجزء الثاني في المعادلة، إقناع الضيف.
في سيرتي المهنية، حوارات استثنائية في سياقات مغربية؛ حواران اثنان مع الطيب الفاسي الفهري، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس حاليا، لما كان وزيرا للخارجية المغربية.
وفي ملفات الدبلوماسية المغربية؛ حوار مع يوسف العمراني، سفير المغربي في الولايات المتحدة الأمريكية، لما كان وزيرا منتدبا في الخارجية المغربية، في الرباط.
ولما أمسك الدكتور سعد الدين العثماني حقيبة الدبلوماسية المغربية، كان من نصيبي مهنيا، أول حوار حصري، في تقليب في ملفات ومواقف المغرب في السياسات العالمية.
وفي حوار كان سابقا في وقته، كشف مصطفى الرميد وزير العدل المغربي السابق، في حوار حصلت عليه، بعد مفاوضاوت طويلة؛ تفاصيل إصلاحات في قطاع العدل، كان يهم بفتحها في المغرب، في سياق ما بعد الربيع المغربي الناعم، واعتماد دستور العام 2011.
ومن الأسماء المغربية التي حاورتها للشبكة الإخبارية، التي اشتغلت لها طويلا في المغرب، وكان اسما سياسيا وازنا في وقته، عبد الإله بن كيران؛ مرة بصفته الحزبية قبل تشريعيات 2012، ومن ثم لاحقا في حوار حصري؛ بصفته رئيسا للحكومة المغربية.
يحتاج الحوار الصحافي الإخباري التلفزيوني؛ إلى زاوية معالجة ليكون الحوار قويا، إلى محاور واضحة، وإلى قدرة على التنقل بين الأسئلة المفتوحة ثم المغلقة، وعلى بناء توافقات مع المُحاوَر للخروج بمنطق رابح رابح، أي العناصر الإخبارية الجديدة أو المواقف، وجعل الضيف يقبل استضافته مرات أخرى لاحقا.
في سياق الانفجار الكبير حاليا للحوارات على طريقة البودكاست/ PODCAST، في الغالب تغيب المهنية، وكل يغني على ليلاه، ويعيث في هذا النوع الصحافي المهني النبيل تدميرا، فلا يكفي التوفر على المعدات التقنية، لتقول أنه حوار صحافي ناجح.

ما يجري في تقديري المهني، بثه على منصات التواصل الاجتماعي حاليا، تحت اسم البودكاست؛ دردشات طويلة، تحتاج إلى شاي وحلويات لتكون جلسات مفتوحة للسهرة، إلا في تجارب قليلة جدا.
تعودت تاريخيا على إجراء حوارات من دون أوراق؛ لأنني كنت أعرف ضيوفي، ولا أحاور ضيفا إلا بعد إلمام بالملفات الإخبارية التي سأواجهه بها، بكل جرأة مهنية ممكنة، ممزوجة بالاحترام الكامل، واستعمال لغة مهنية، والحفاظ على المسافة الآمنة، في التعاطي مع ملفات مغربية لحوار صحافي مهني لقناة إخبارية دولية.
حافظت دائما على علاقاتي الإيجابية جدا مع ضيوفي في حواراتي، وتحولت بعض الحوارات إلى وثائق تاريخية في المغرب؛ من سلسلة حوارات مع زعماء سياسيين مغاربة من التحالف الحكومي ومن المعارضة، إلى وزراء وجدوا راحتهم في عرض ملفات مغربية داخلية على شاشة إخبارية كبرى، إلى دبلوماسيين مغاربة وجدوا في حواراتي مساحة لتقديم وجهات نظر المغرب في ملفات كبرى.
يعتقد الجيل الجديد من الصحافيين أن المهنة يتوجب دخولها بسباطهم أي من دون إحم ولا دستور؛ لكن ستبقى الصحافة بلاطا حقيقيا لصاحبة الجلالة دائما.
*عادل الزبيري: صحافي معتمد لدى قناة العربية بالمغرب سابقا.