تقرير برلماني مغربي يحذر من استيلاء الذكاء الاصطناعي على عناصر من الهوية الوطنية

sadaalbarlaman12 مايو 2025آخر تحديث :
تقرير برلماني مغربي يحذر من استيلاء الذكاء الاصطناعي على عناصر من الهوية الوطنية

الرباط-متابعة:”صدى البرلمان”//- حذر تقرير برلماني مغربي صادر عن مجموعة العمل الموضوعاتية حول “الذكاء الاصطناعي:تأثيراته وآفاقه” ، التي شكلها مجلس النواب المغربي برئاسة النائب البرلماني أنوار صبري في حين أسندت مهمة المقرر إلى النائبة البرلمانية نزهة مقداد ، من التهديدات المتزايدة التي تطرحها تقنيات الذكاء الاصطناعي على التراث الثقافي المغربي، مشيرا إلى أن هذه التكنولوجيا قد تتحول إلى وسيلة للاستيلاء على عناصر من الهوية الوطنية وإفراغها من أصالتها.

وأوضح التقرير الذي اطلع عليه “صدى البرلمان” من خلال منصة مجلس النواب الرسمية أن التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، لا سيما الذكاء الاصطناعي التوليدي، تمكن من إعادة إنتاج نماذج من الفنون التقليدية، والموسيقى، والتصميم، والمعمار، بل وحتى فنون الطبخ، بأساليب تحاكي الأصل بدقة لافتة. وهو ما يفتح الباب أمام تقليد هذه المنتجات أو نسبها لجهات غير مغربية، في غياب منظومة قانونية متطورة تحمي هذه الأصول الثقافية.

وأكد المصدر ذاته، أن هذا التحدي يلقي على عاتق الدولة مسؤولية عاجلة تتمثل في وضع تشريعات وآليات قانونية لحماية المنتجات الثقافية الأصيلة، وضمان الاعتراف بها كمكونات للهوية الوطنية المغربية، مشددا على أن حماية هذه العلامات الثقافية لا يجب أن تقتصر على الفضاء الواقعي، بل يجب أن تمتد لتشمل الفضاء الرقمي والتفاعلي، حيث تنشط تقنيات الذكاء الاصطناعي وتنتشر بسرعة.

وإلى جانب القلق من تهديدات الاستيلاء الثقافي، تناول التقرير التأثير العميق للذكاء الاصطناعي على الصناعات الإبداعية، مثل الأدب، السينما، الفنون البصرية، التصميم الغرافيكي، الموسيقى، وألعاب الفيديو، موضحا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة دعم، بل شريكا حقيقيا في الإبداع، قادرا على إنتاج أعمال ومحتوى بصري وصوتي بتحكم جزئي أو كلي.

لكن هذا التحول التكنولوجي السريع، بحسب التقرير البرلماني الحديث، يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية جوهرية، أهمها: من يملك العمل الإبداعي الذي تنتجه الآلة؟ هل يظل الإبداع أصيلاً إذا افتقر إلى اللمسة الإنسانية؟ وهل للذكاء الاصطناعي حق في الملكية الفكرية؟

وتطرق التقرير أيضا إلى إشكال جديد أثارته تكنولوجيا “الأفاتار” والذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي بات بإمكانه إعادة إنتاج صورة أو صوت فنان، سواء كان حيا أو متوفى، بدرجة تحاكي الواقع، معتبرا أن هذه الممارسة تطرح تحديا قانونيا فيما يخص حقوق المؤلف، والحقوق المجاورة، وخصوصا في حالة استخدام تلك الصور أو الأصوات في أعمال فنية لا يملك أصحابها الأصليون أي سلطة عليها.

وفي السياق ذاته، نبه التقرير إلى أن المحتوى الذي تنتجه المؤسسات الإعلامية المغربية – من مقالات وصور ومقاطع فيديو – يُستخدم على نطاق واسع لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، دون الحصول على موافقة أو دفع مقابل مادي للجهات المالكة. وهو ما يشكل تهديدا واضحا للصحافة والصناعات الثقافية، ويدعو إلى الإسراع في إبرام اتفاقيات تنظيمية تقنن هذا الاستخدام وتضمن العدالة الحقوقية.

كما أكد التقرير البرلماني أن حماية التراث الثقافي المغربي من الاستغلال غير المشروع في عصر الذكاء الاصطناعي لم تعد ترفا قانونيا، بل ضرورة وطنية.

 كما أوصى بتسريع وتيرة إعداد قوانين جديدة أو تحيين القوانين القائمة، خاصة في ما يتعلق بحقوق المؤلف، حماية المعطيات الشخصية، الملكية الفكرية، والحقوق المجاورة، بما يواكب التحولات الرقمية ويحافظ على السيادة الثقافية للمملكة.

تجدر الإشارة  أن المغرب كان قد شرع في مسايرة التحوّل الذي يعرفه العالم على مستوى الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال إنشاء مؤسسات تعليمية في سلك التعليم العالي تُعنى بالأبحاث الخاصة بالموضوع، حيث صادقت الحكومة في اجتماعها الأخير على إحداث المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي وعلوم المعطيات بتارودانت، التي ستكون تابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، فيما سيتم تحويل المُلحقة الجامعية ببركان إلى مدرسة وطنية للذكاء الاصطناعي والرقمنة، تابعة لجامعة محمد الأول بوجدة.

ويهدف إحداث المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي وعلوم المعطيات بتارودانت، والمدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي والرقمنة ببركان، إلى “تزويد بلادنا بنموذج جديد من مدارس المهندسين التابعة للجامعات بغية تكوين رأسمال بشري متخصص قادر على مواكبة التحديات المرتبطة بالتحول الرقمي والانخراط في مجتمع المعرفة”، وفق ما جاء في مذكرة تقديم مشروع المرسوم الذي صادقت عليه الحكومة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة